الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

آفـــــــــة الواسطــــة **

آفة الواسطة وما يترتب عليها من محسوبية وعنصرية وانتقائية تعد المعوق الأكبر في بناء مجتمع عربي متماسك الأطراف، يشد بعضه بعضاً كالبنيان المرصوص، وبخاصة أنها فيروس يؤدي إلى أمراض أخرى تتناسل من رحم ذلك المستنقع بطحالبه الخضراء كالرشوة والتزوير وغياب الحقيقة،

والأكثر صعوبة في هذه المتوالية المتناسلة أنها أصبحت ثقافة شعبية وسلوكا اجتماعيا يتمرد على أنظمة الدول والحكومات والمؤسسات الوطنية التي تراقب بحذر انتشار هذا الوباء. هذه الآفة التي يشرعنها بعض المنتفعة تحت مسوغات غير موضوعية تقف عائقاً أمام تمدن المجتمع وتحضره وتحقيق العدالة والمساواة بين أفراده، وتعطي المتواكلين حقوق المتوكلين في صورة تدل على الهرم المقلوب، والكارثة حينما تعد المحسوبية والعنصرية مقياساً للتفاضل بين الناس في الواقع الاجتماعي فيصدَّر في المجالس من يحتطب في حبالها ويقصى من يتقيد بالنظام والقانون، بينما يتناسى المجتمع أن منظومات القيم والأخلاق هي المعيار الحقيقي للحكم على من يستحق الصدارة..

إن البلد الذي يتصف بالتنوع العرقي والتداخل الحضري والقبلي يحتاج إلى قانون صارم يضبط مساره لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراده تحت مبدأ تكافؤ الفرص، والواسطة التي نرى آثارها مرض اجتماعي تحول المجتمع إلى مجتمع (اتكالي) يتنافس على ما لا حق له فيه من خلال ثقافة تؤثر سلباً على زيادة معدلات الوطنية في نفوس من وقفت هذه الآفة في طريق طموحهم ومستقبلهم، ليتأكد لنا أن من يسعى إلى استغلال منصبه وموقعه استغلالاً قبلياً أو إقليمياً أو طائفياً في هذا الحراك الاجتماعي المختلف المشارب فقد أفلس إفلاساً إنسانياً ووطنياً،

لماذا نسعى إلى الواسطة بأشكالها المشروعة وغير المشروعة ولو كانت على مستوى السؤال عن رقم معاملة في أرشيف ما؟ ومتى نتحرر من قيودها؟ وختام نرى آثارها المدمرة ومعوقاتها في طريق التنمية ونشرعها وندافع عنها؟ ولماذا يفرح الموظف بكثرة المتوسطين وأحياناً يتعمد التعطيل من أجل الحصول على فرص عند الآخرين وهو يعلم أنه مخلٌ بواجباته الوطنية والإنسانية؟

أسئلة كثيرة تعصف بالذهن وتصطدم بواقع يجب أن تشيع ثقافة مدمرة قد تحقق مجداً شخصياً لفرد ما على حساب خراب المجموعة بلا معيار حقيقي للقيمة والفضيلة وبناء شخصية تجود بما لا تملك وتسرق حقوق الآخرين ليتولى حاجات الناس من لا تتوافر فيه شروط المسؤولية مما يؤدي إلى تخريب نظامهم الذي يضبط مسارهم
أيها السادة.. وعلى مستوى المملكة، كم يشعر المواطن السعودي الشريف بالفخر والاعتزاز وهو يستحضر تجربة مؤسسة حكومية من مؤسساتنا العريقة تميزت بتحقيق العدالة حتى أننا لم نسمع من يبحث عن واسطة عند مسؤول فيها لتقديم اسمه على الآخر، ألا وهي مؤسسة صندوق التنمية العقاري الذي حقق عدالة اجتماعية تستحق الإعجاب والتزم الناس بنظامه وطريقته، فلماذا لا تعمم هذه التجربة بعد دراسات ذات مستوى عال على التوظيف والقبول وغير ذلك مما يتنافس عليه الناس والاستفادة من تقنية الاتصال والمعلومات والمواقع الإلكترونية كما هو في بعض الجهات حداً من خطورة هذه الآفة وبخاصة أننا على أبواب التسجيل والقبول..

وختاما إن المسؤولية مسؤولية مجتمع بأكمله للحد من آثار هذه الآفة التي تعد معوقا من معوقات التنمية، وبخاصة في ظل من يفسر بعض النصوص التي تفسر نصوص الشفاعة تفسيرا خاطئا، وقد أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال: ما حكم الواسطة؟ وهل هي حرام؟ مثلاً إذا أردت أن أتوظف أو أدخل في مدرسة أو نحو ذلك واستخدمت الواسطة فما حكمها؟

فالجواب: الحمد لله

أولاً: (إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى وأحق بالتعين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها، والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك - فالشفاعة محرمة؛ لأنها ظلم لمن هو أحق بها، وظلم لأولي الأمر بسبب حرمانه من عمل الأكفاء وخدمتهم لهم، ومعونتهم إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها، ويقوم بشؤونها في هذا الجانب على خير حال، ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع.

أما إذا لم يترتب على الواسطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة، بل مرغب فيها شرعاً، ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء)

ثانياً: المدارس والمعاهد والجامعات مرافق عامة للأمة، يتعلمون فيها ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ولا فضل لأحد من الأمة فيها على أحد منها إلا بمبررات أخرى غير الشفاعة، فإذا علم الشافع أنه يترتب على الشفاعة حرمان من هو أولى من جهة الأهلية أو السن أو الأسبقية في التقدم أو نحو ذلك كانت الواسطة ممنوعة، لما يترتب عليها من الظلم لمن حرم أو اضطر إلى مدرسة أبعد فناله تعب ليستريح غيره، ولما ينشأ عن ذلك من الضغائن وفساد المجتمع. لهذا هناك من يتضرر من آفة الواسطة وسبب مقالي هذا والدفع الرئيسي كانت فتاة (رؤيا محمد)تضررت هي وأهلها من الواسطة ولجأت للسلطة الثالثة وهو الإعلام لتعبر عن معاناتها وتقول متى ينتهي زمن (الواووووووو).......


منقووووول عن صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق